[معنى المشيئة في قول الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، والأدلة على ذلك]
  ثم أنزل تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}[النساء: ١٢٥] فأبى اللّه تعالى أن يقبل الإسلام إلا بالإحسان، والإحسان إلا بالإسلام، والإيمان والعمل الصالح كالروح في الجسد إذا فرّق بينهما هلكا، وإذا اجتمعا عاشا.
  وقول اللّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فلو أراد اللّه أن يغفر لأهل القبلة، أنزل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ولم يستثن لمن يشاء.
  وسأبين لمن ضل عن هذه الآية كيف تفسيرها: إن قول اللّه تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} الذين يشاء لهم المغفرة الذين أنزل فيهم: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}[النساء: ٣١].
  فمن وعد اللّهُ من أهل القبلة النارَ بكبيرة أتاها فإن اللّه تعالىقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}[الرعد: ٣١]، وقال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا}[مريم: ٦١]، وقال تعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[ق: ٢٩].
  فسلهم عن أصحاب الموجبات هل وعدهم اللّه تعالى النار عليها أم لا؟ فإن شهدوا أن اللّه تعالى قد وعدهم النار عليها، فقل: أتشهدون أن اللّه سبحانه وتعالى سينجز وعده، أم في شك أنتم لا تدرون هل ينجز اللّه وعده أم لا؟
  وسلهم عمن شهد اللّه عليه والملائكة، فإن اللّه ø قال: {لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}[النساء: ١٦٦] فارضوا بما شهد اللّه به واشهدوا عليه ولا ترتابوا، فإن اللّه جل وعلا قال: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلًا}[النساء: ١٢٢].
  فمن حدثكم حديثاً بخلاف القرآن فلا تصدقوه واتهموه، وليكن قول اللّه عز