[الإيمان هو التصديق والعمل]
  رقبة مؤمنة، فَدُلَّ على امرأة يشتريها ليعتقها، فوجدها قد زنت وقتلت ولدها فجاء يستفتيكم: تجوز عنه برقبة مؤمنة، التي أوجب اللّه تعالى عليه أم لا؟ فإن قالوا: لا تجوز برقبة مؤمنة. كان لهم دِيْنَانِ: دينٌ في السِّرِّ، ودين في العلانية.
  وقال اللّه تعالى لمحمد ÷ في المشركين: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[التوبة: ١١].
  فسلهم عن مشرك تاب من الشرك، وصَدَّق بما جاء به محمد ÷، ولم يقم الصلاة، ولم يؤت الزكاة، أهو أخوهم في الدِّين، أم لا؟ فإن قالوا: نعم، هو أخونا. لم يكونوا من الذين قال اللّه تعالى: {وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[التوبة: ١١]، وإن قالوا: لا ندري. شكوا فيما أنزل على محمد ÷ وارتابوا.
  وقال اللّه تعالى وتقدس: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: ٥] فمن لم يُقِمِ الصلاة ويؤتي الزكاة ولم يحج البيت أَهَدَم الدين القيمة أم ثبت على الدين القيمة بالإقرار وتَرْكِ العمل؟ فإن قالوا: هو على الدين القيمة وقد ترك الصلاة والزكاة وحج البيت. خالفوا ما أنزل اللّه تعالى، وجحدوا كتابه واتبعوا أهواءهم، وكانوا في لبس من دينهم.
  فإنهم يقولون فيما يقولون: إن اللّه تعالى قال في كتابه: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}[التوبة: ٣٦]، فإنهم يقولون: الشهور من الدين، فقل: أرأيتكم لو أن رجلاً عَدَّ السَّنَة إحدى عشر شهراً وترك شهراً، وقال أشهد إنه حق من اللّه تعالى، غير أني لا أعدها إلا إحدى عشر شهراً،