كتاب الإيمان
  نعم، فقل: أفتشهدون أن له في الآخرة عذاب عظيم؟ فإن قالوا: لا ندري، فإنما آمنوا بأول الآية وكفروا بآخرها. فإن قالوا: لا ندري - يعني أخزيٌ هو أولا خزي - شكّوا فيما أنزل اللّه تبارك وتعالى.
  وقد أنزل تعالى في كتابه في فاتحة الكتاب: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة: ٦].
  فسلهم عن الصراط المستقيم، هو الدين المستقيم، أم لا؟ فإنهم سيقولون هو الدين المستقيم.
  وأنزل اللّه تبارك وتعالى على نبيه ÷: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ١٥١ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ١٥٢ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام: ١٥١ - ١٥٣]، فهذه الوصية أمن دين اللّه تبارك وتعالى هي أم من غير دين اللّه؟.
  فسلهم عمن انتهك هذه المحارم التي نهى اللّه تبارك وتعالى عنها، أهي من السُّبل التي اتبعوها: {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام: ١٥٣]. فإن قالوا: نعم. فقد صدقوا، وإن قالوا: لا. فقد كذبوا، وإن قالوا: لا ندري. فقد شكوا فيما أنزل اللّه تبارك وتعالى.
  وقال اللّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ