مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[الاعتبار بحال الأحبار والرهبان]

صفحة 298 - الجزء 1

  فيما عندهم من العَرَض الآفل، والمنزل الزائل، ومُدَاهنة منهم على أنفسهم.

  وقد قال اللّه ø لكم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ [لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}⁣[التوبة: ٣٤]،] كيما تحذروا.

  وإذا رأيتم العَالِم بهذه الحالة والمَنْزِلة أنزلتموه منزلة من عَاثَ في أموال الناس بالْمُصَانَعة⁣(⁣١)، والمُدَاهنة، والمُضَارعة⁣(⁣٢) لِظَلَمَهِ أهل زمانهم، وأكابر قومهم، فلم ينهوهم عن منكر فعلوه؛ رغبة فيما كانوا ينالون من السُّحْت⁣(⁣٣) بالسكوت عنهم.

  وكان صُدُودُهم عن سبيل اللّه بالإتِّباع لهم، والإغترار بإدْهَانهم، ومقاربتهم الجائرين الظالمين المفسدين في البلاد؛ ذلك بأن أتباع العلماء يختارون لأنفسهم ما اختار علماؤهم، فاحذروا علماء السوء الذين سلكوا سبيل من ذَمَّ اللّه وباعوا طاعة اللّه الجائرين⁣(⁣٤).

  إن اللّه ø قال في كتابه: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ [الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}⁣[المائدة: ٤٤]].

  فعاب علماءَ التوراةِ والإنجيلِ بتركهم ما استحفظهم من كتابه - وجَعَلَهم عليه


(١) المصانعة: الرشوة والمداراة والمداهنة. تمت قاموس.

(٢) المضارعة: التقرب في مرواغة. تمت قاموس.

(٣) السحت: الحرام.

(٤) إما أن تكون الجائرين هنا صفة لعلماء السوء، أو يكون المعنى بأن علماء السوء باعوا دينهم من الجائرين.