مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

الرسالة المدنية

صفحة 320 - الجزء 1

  إذا نهو عن ذلك قالوا: اللّه أراد هذا، اللّه قدر هذا. فأرسلوا أنفسهم في الذنوب، ولجوا في المعاصي، فإحببتَ أن أكتب إليك ما أرى في ذلك، والذي أقول في ذلك وأرضاه: أن تقرأ القرآن وتدبره، فتنظر ما أراده اللّه، وأوجبه فتضيفه إلى اللّه، وما كرهه فتضيفه إلى صانعه.

  أرأيت قوله في كتابه: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}⁣[الزمر: ٧] أرأيت قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، أرأيت قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَانُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}⁣[الزخرف: ٢٠]، هذا كله قول اللّه ø وهو أصدق من قولهم.

  ثم إني أرتضي لك ألاّ تخرج العاصين من قدرة اللّه تعالى، ولا تعذرهم في معصية اللّه، ومن قال: إنه قد ملك أعماله مع اللّه فقد أشرك بالله، ومن قال: إنه قد ملكها دون اللّه تعالى فقد كفر بالله، ولكن القول الذي أرضاه في هذا الباب إتباع⁣(⁣١)، فإذا أطعت شكرت اللّه تعالى، وإن عصيت استغفرت اللّه تعالى، فإن اللّه تعالى قال لنبيه ÷: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}⁣[محمد: ١٩]، وقال تبارك وتعالى: {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}⁣[الأنعام: ١٤٩]، وقال تبارك وتعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}⁣[السجدة: ١٣].

  فإذا رأيت المصرّين على الذنوب فالقهم بوجه مبلس⁣(⁣٢)، لترضى اللّه بذلك فإنه من أذل أهل معصيته طلباً لما يرضيه أرضاه.


(١) إي إتباع لما ورد في القرآن.

(٢) الوجه المبلس: يظهر عليه الغضب والإستنكار.