مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

ترجمة الإمام الأعظم زيد بن علي @

صفحة 87 - الجزء 1

  (أما بعد: فقد علمت بحال أهل الكوفة في حبهم أهل هذا البيت، ووضعهم إياهم في غير مواضعهم؛ لأنهم افترضوا على أنفسهم طاعتهم، ووظفوا عليهم شرائع دينهم، ونحلوهم علم ما هو كائن، حتى حملوهم على تفريق الجماعة على حال استخفوهم فيها إلى الخروج.

  وقد قدم زيد بن علي على أمير المؤمنين في خصومة عمر بن الوليد ففصل بينهما، ورآى رجلاً جَدِلاً لسِناً، خليقاً بتمويه الكلام وصوغه، واجترار الرجال بحلاوة لسانه، وبكثرة مخارجه في حججه، وما يدلي به عند لدد الخصام من السطوة على الخصم بالقوة الحادة لنيل الفلج.

  فعَجِّل إشخاصه إلى الحجاز، ولا تخلّه والمقام قِبلك، فإنه إن أعاره القوم أسماعهم فحشاه من لين لفظه، وحلاوة منطقه، مع ما يدلي به من القرابة برسول الله ÷ وجدهم مُيَّلاً إليه ... إلى آخر الكتاب فهو طويل).

  مع ما كان يبلغه من اختلاف الشيعة إليه، فجعل يوسف بن عمر يستحثه على الخروج، وزيد # يعتلّ بأعذار، فلما رأى زيد # جد يوسف في إخراجه تهيأ للخروج والرجوع إلى المدينة، فشخص حتى بلغ القادسية، فلحقه جماعة من أهل الكوفة، وقالوا له: أين تذهب عنا ومعك مائة ألف رجل من أهل الكوفة والبصرة وخراسان يضربون دونك بأسيافهم غداً، وليس قبلك من أهل الشام إلا عدة يسيرة.

  فأبى عليهم؛ فلم يزالوا يناشدونه حتى ردوه إلى الكوفة بعد أن أعطوه العهود والمواثيق، فرجع إلى الكوفة متخفياً فبقي بها أشهراً، قيل: إنه بقي أحد عشر شهراً وهو مشغول بأخذ البيعة وبث الدعاة في الآفاق.