مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

كتاب الإيمان

صفحة 138 - الجزء 1

  ذكر فيهن: القتل والعهد والزناء وأكل مال اليتيم، وأشباه ذلك من الكبائر التي لم يكن اللّه وعد عليها النار، حتى بلغ: {وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا}⁣[الإسراء: ٣٩]، فأوجب لمن عمل بهؤلاء الآيات النار، الذين لم يكن أوجب عليهم النار في سورة بني إسرائيل بمكة⁣(⁣١).

  فإن اللّه تعالى لايقبل العمل إلا من المتقين، وكيف يكون من المتقين من أقام على الزنا والقتل، وأكل مال اليتيم، ونقض العهد والميثاق، والفساد في الأرض، والإقامة على المعاصي؟

  وإن التقوى ليس هو قولاً بغير عمل، إنما التقوى: الإيمان والعمل بحقيقة الإيمان، قال اللّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}⁣[آل عمران: ١٠٢]، وقد سماهم اللّه تبارك وتعالى مؤمنين حين أسلموا وأخْبَتُوا وصدقوا بما جاء به نبيهم ÷، من أمرهم بالتقوى


= كَانَ مَنْصُورًا ٣٣ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ٣٤ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ٣٥ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ٣٧ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ٣٨}، يريد الإمام زيد # أن الله ø لم يتوعد بالنار في أي هذه الكبائر، وإنما حذر منها، وتوعد بالنار على الشرك بالله فقال: {وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا ٣٩}⁣[الإسراء]، وهذه الآيات من سورة الإسراء وسورة الإسراء مكية باتفاق بين القراء والمفسرين.

(١) معنى ذلك: أن الله ø إنما كلف عباده في بداية الدعوة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ÷ فمن فعل ذلك استحق الجنة، ولم يكن قد أوجب النار على شيء من الكبائر، وإنما النار للمشركين، فلما زادت التكاليف وشرعت الشرائع حكم الله بالنار على من فعل الكبائر.