[أدلة سمعية ومناقشة على وعيد أهل الكبائر]
  أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ ٣١ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ] ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}[المائدة: ٢٧ - ٣٢]، فإذا قَتَلَ قتيلاً بغير نفس أو فساد في الأرض كان مسرفاً، قال اللّه ø: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}[غافر: ٤٣].
  فسلهم كيف يغفر اللّه تعالى لعبد لقي اللّه وفي عنقه مثل دماء المسلمين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وجميع بني آدم كل بَرٍّ منهم وفاجر؟ لم يتب إلى اللّه تعالى، ولم يزدد إلا فساداً في الأرض وسفك الدم، فكيف يرضى اللّه تعالى عمن أسخطه واستغنى عنه، فإن اللّه الغني عن العباد وهم الفقراء وهو الغني الحميد.
  فسل أهل البدع والباطل عن ابني آدم: من أهل الدعوة كانا أو مشركين؟ [فإن زعموا أنهما من أهل الدعوة فقد صدقوا. وإن زعموا أنهما مشركان فقد كذبوا(١)].
  وتصديق ذلك أنهما قربا قرباناً لله فَتُقُبِّل من أحدهما ولم يُتَقَبَّل من الآخر، ولم يكن آدم صلى اللّه عليه ليأمر ابنيه الذين خرجا من صلبه أن يكونا على غير ملته، ولم يكن إبليس نصب وثناً يومئذ دون الرحمن، إنما نصب إبليس الأوثان للناس بعد ما كثر الناس ومات العلماء منهم، فخدعهم إبليس عن أنفسهم، ولم يجعل سبحانه ابن آدم - حين قتل أخاه - من أهل النار بالشِّرك، ولكنه أضله بقتله أخاه ليكون للسعيد موعظة.
  وسلهم هل يشهدون أن ابن آدم الذي قتل أخاه من أهل النار؟ فإن قالوا: نعم.
(١) ما بين القوسين غير موجود في النسخ المعتمد عليها، وإنها زيادة لتمام المعنى الآتي بعدها.