كتاب الإيمان
  فسلهم عن رجل دعوه إلى رأيهم فاتَّبَعَهُم فواخوه في دينهم، فقال لهم: يا أخوتاه إني أريد أن أغزوا في سبيل اللّه تعالى فشيعوني، فخرج غازياً في سبيل الله وخرجوا معه، فسار قليلاً ثم نزل فقدم سفرة له فأكلوا منها، ثم إنه سلم عليهم وسلموا عليه، وودعهم ودعوا له بحسن الصحبة والكلاءة في السَّفر، فسار حتى إذا كانت صلاة الأولى قام فأذن للصلاة، فإذا هو برجل قد أقبل إليه، فقال: أنا أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه ÷، وأشهد عليك أن شهادتك هذه كاذبة، وأنك كافر، وأن ذبيحتك علي حرام، وأن دمك لي حلال، ثم تقدم إليه فضرب عنقه، وأخذ ماله لنفسه، فبلغكم ذلك والقاتل والمقتول من أهل القبلة، وأهل ... الشعار، وقد قال الله ø: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠]، فأخبروني حين قتله وأخذ ماله أعدوه هو والمخاصم له يوم القيامة، أم هو أخوه في الجنة على سرر متقابلين؟!
  فما شهادتكم على رجل قتل أخاكم في دينكم وحَرَّم ذبيحتكم التي أكلتم معه منها، فأخبروني أفي براءة منكم القاتل والمقتول، أم وفي ولاية، أم أحدهما في ولاية والآخر في براءة؟ فإن قالوا: نبرأ إلى اللّه من القاتل. فقولوا: ما اسم القاتل، أكافر هو أم مؤمن؟ فإن قالوا: هو مؤمن. فقولوا: إنكم برئتم ممن تولاه اللّه تعالى، فإن اللّه تبارك وتعالى قال: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: ٦٨]. وإن قالوا: كلاهما في ولاية منا، عَمُوا وصَمُّوا عن الحق، وكان صاحبهم المتقي المقتول والقاتل الفاجر عندهم سواء، واستخفوا بحق اللّه تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}[إبراهيم: ٤٢].
  وسلهم عن رجل قُتِلَ ابنُه، فأخذ قاتل ابنه فجاء بأربعة يشهدون عليه بالله أنه قتل ابنه، فجاء بهم إلى قاض من قضاة المسلمين فشهد الأربعة عنده أنه قتله، فسأل عنهم فوجدهم عدولاً مسلمين، فقال القاضي للرجل: ظَفِرَتْ يداك، خُذْ من القاتل