مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

كتاب الإيمان

صفحة 167 - الجزء 1

  كفيلاً، وأرجع يومك هذا فأتمر بينك وبين نفسك، إن شئتَ دفعنا إليك عدوّك فتقتله بابنك، وإن شئتَ أخذتَ الدية، وإن شئتَ تصدّقتَ بها على القاتل.

  فرجع الرجل وقد أخذ منه كفيلاً بهذا، فقال للشهود الأربعة: بم حكم القاضي بيني وبين صاحبي؟

  قال الأربعة الشهود: نشهد أنه قد حكم بما أنزل اللّه تعالى.

  فلما أن أمسوا ذهب القاتل في ليله إلى القاضي، فقال: إن عندي إثني عشر ألفاً قد عرضتها عليه فأبى أن يقبلها مني، فهل لك أن آتيك بها فتبري كفيلي وتخلي سبيلي وتبطل شهادة الشهود؟

  قال له القاضي: نعم، ائتني بها.

  فجاءه بها، فلما أن أصبحوا جاء أبو المقتول بالشهود والقاتل والكفيل إلى القاضي، فقال القاضي لأبي المقتول: إذهب فإنه لاحق لك إن شهودك شهودُ زورٍ، وبَرَّأَ القاتل والكفيل من كفالته.

  فرجع أبو المقتول والشهود، فقال أبو المقتول للشهود: إنكم شهدتم أمس أنه قد حكم بما أنزل اللّه تعالى فما شهادتكم اليوم عليه حين غَيَّر حكمه الذي حكم به أمس؟

  قال اثنان من الشهود الأربعة: إنه اليوم لم يحكم بما أنزل اللّه تعالى، فهو: كافر، قال اللّه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}⁣[المائدة: ٤٤].

  وقال الاثنان اللذان شهدا أنه من المؤمنين: امرأتاهما طالقتان إن لم يكن من المؤمنين.

  فقل لأهل البدع والباطل أرأيتم إن ابتليتم فَجُعِل أحدكم قاضي المسلمين، فجاءتا امرأتا الرجلين الذين شهدا على القاضي إنه من الكافرين، فقالتا: إن رأيتنا