[تسمية أهل النفاق وصفاتم وجزاءهم]
  أعلم اللّه تبارك وتعالى محمداً ÷ وعَرَّفَه طائفة من المنافقين فقال: {فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}[محمد: ٣٠]، وكان المسلمون يأكلون ذبائح المنافقين، ويصلونهم ميراثهم، وتعتد نسائهم، ويرث أبناؤهم للذكر مثل حظ الانثيين. وقد أخبر اللّه تبارك وتعالى نبيه ÷ أنهم كفار، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ٣ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ٤ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}[المنافقون: ٣ - ٥]، فقد عرفوهم إذ دعاهم رسول اللّه ÷ ليستغفر لهم فأبوا، فلم يأمره اللّه تبارك وتعالى بقتالهم، ولم يقطع ميراثهم، ولم يحرم نكاحهم ولا ذبائحهم، من أجل أنهم من أهل الدعوة.
  وقال اللّه تعالى في سورة (الفتح): {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[الفتح: ٦].
  وقال في سورة (الأحزاب): {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب: ٧٣]، ففصل اللّه اسم الشرك عن النفاق، واسم النفاق عن الشرك، وقضى على نفسه أنه يتوب على كل مؤمن ومؤمنة، فأنَّى تؤفك عقولهم عن قول اللّه تعالى.
  وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}[التوبة: ٢٨]، فقد غزوا مع النبي ÷ وحجوا معه بعد ما نزلت هذه الآية، وكان نبي اللّه ÷ أطوع خلق اللّه