[مناقشة في تسمية بعض أهل الكبائر]
  وعلى نبيكم ÷، إن هذا حرب لله تعالى ولرسوله ÷، ولم يكن اللّه تعالى ليأمر نبيه ÷ أن يستغفر ويصلي على حربه.
  وقد كانت الخمر حلالاً للمسلمين، فلما حرمها اللّه تعالى وجعلها مع الميسر والأنصاب والأزلام، جعلها رجساً من عمل الشيطان، فشكا المسلمون إلى رسول اللّه ÷، فقالوا: كيف بأبائنا وأمهاتنا وإخواننا الذين قُتِلُوا وماتوا وهذه الرجس في بطونهم؟ فأنزل اللّه تبارك وتعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[المائدة: ٩٣]، فلم يبرأ الذين هلكوا من الأمم إلا من كان على هذه الصفة.
  فهذا ميثاق اللّه على عباده واثقهم به، وبهذا يدخل اللّه تبارك وتعالى عباده الجنة، ولا يدخلهم بالفسق، ولا بالعمل الذي لعن اللّه تبارك وتعالى مَنْ عمله وغضب عليه.
  وأهل البدع يزعمون: أن الإيمان قول وإقرار بما جاء به رسول اللّه ÷، وليس الإيمان العمل، فكان رسول اللّه ÷ حين قدم المدينة صلى إما ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، لم يتم فيها إستقبال البيت الحرام، فلما صرف اللّه القبلة إلى البيت الحرام، وجد المسلمون في أنفسهم من صلاتهم قبل ذلك، فأنزل اللّه على بينه ÷: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ١٤٣] يعني بهذه الآية: الصلاة، فسمى صلاتهم: إيماناً.
  وقال اللّه تبارك وتعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ [وَلَا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ٨٤ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاء