كتاب الإيمان
  تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَتَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ٨٥ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ] فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ}[البقرة: ٨٤ - ٨٦]، فأخذ اللّه الميثاق على بني إسرائيل في التوراة: ولا تقتلوا أنفسكم. إنما يعني بأنفسهم أهل ملتهم، وألا يأتيهم أسير من بني إسرائيل أو عبد أو وليدة إلا شروه إن بِيْعَ، فأعتقوه.
  فكان بين الأوس والخزرج في الجاهلية حرب شديد وقتل شهير، وكانت بنو قريظة من اليهود، والنضير من اليهود، حلفاء الأوس والخزرج؛ بنو قريظة خلفاء الأوس، والنضير حلفاء للخزرج، فكانت الأوس والخزرج إذا سارت بينهما القتال، جاء حلفاء الفريق كلاهما من اليهود، فقاتلوا مع حلفائهم خشية أن يستضعف حلفاؤهم، وبنوا الأوس والخزرج مشركون ليسوا على دين اليهود، فيقتل اليهود بعضهم بعضاً ويخرج اليهود بعضهم بعضاً من ديارهم، فإذا تخارجوا بينهم، وسكن القتال أتي بالعبد والوليدة من بني إسرائيل ليباع، أرسل الفريقان - الذين اقتتلوا قَبْلُ - بعضَهُم إلى بعض: اجمعوا فداء هذا الأسير حتى نعتقه، فإذا قيل لهم: لم تعتقونه؟ قالوا: إن اللّه تعالى أمرنا بذلك. فيقال لهم: أليس؟ قد حرم اللّه تعالى دماء بعضكم على بعض في التوراة، كما أمركم بشراء هذا الأسير؟ قالوا: بلى وكنا نخاف أن يستضعف حلفاؤنا.
  فأقروا بأنه حق من اللّه تبارك وتعالى، فلم ينفعهم الإقرار حين لم يعملوا شيئاً، وجعلهم مؤمنين بإشترائهم الأسراى، وجعلهم كفاراً بسفك دمائهم وإخراج بعضهم بعضاً من ديارهم، وهم يهود كفار بالله وبرسوله ÷،