مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[اختلاف الأمة في تعيين الخليفة]

صفحة 180 - الجزء 1

  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}⁣[التوبة: ١١٩]، ونعلم أي الفريقين أولى بالكذب والضلال، فَنَتَجَنَّبهم كما أمر اللّه تعالى، فهذا غائب عنا - يعني أمرهم - وكنا كما قال اللّه تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}⁣[النحل: ٧٨]، حتى إذا أدركنا العقل طلبنا معرفة الدين من أهل الحق والصدق⁣(⁣١)، فوجدنا الناس مختلفين يتبرأ بعضهم من بعض، وقد يجمعهم في حال اختلافهم فريقان.

  فريق قالوا: إن الرسول ÷ مضى ولم يَسْتَخْلِفْ أحداً بعينه، وإنه جعل ذلك إلينا معاشر المسلمين، نَخْتَارُ لأنفسنا رجلاً فنستعمله علينا، فاخترنا أبا بكر.

  وفرقة قالوا: إن النبي ÷ استخلف علياً فجعله خليفة وإماماً نَسْتَبِيْنُ به بَعَدَهُ. فصارت كل فرقة منهم مُدَّعِيَةً تدعي الحق.

  فلما رأينا ذلك أوقفنا الفريقين جميعاً، حتى نستبين ذلك، ونعرف المُحِقَّ من المبطل.

  ثم سألنا الفريقين جميعاً: كيف كان النبي صلى اللّه عليه وعلى أهل بيته وسلم يقضي بين الخصمين والفريقين إذا اجتمعوا إليه؟

  فاجتمع الفريقان جميعاً على أن النبي ÷ لم يكن يقضي بين الفريقين إذا اجتمعوا إلاَّ بِالبَيِّنَةِ العُدُول من غير أهل الدعوى، ممن لا يَجُرُّ إلى نفسه.

  فَقَبِلْنَا منهم حين اجتمعوا عليه، وشهدنا أنه الحق، وأن من خالف حكم النبي ÷


(١) في أنوار اليقين: طلبنا معرفة الدين وأهله من الحق والصدق.