[الرد عليهم وتكذيبهم]
[الرد عليهم وتكذيبهم]
  كلا وباعِثِ المرسلين، ماهذه صِفَةُ أحكم الحاكمين، بل خلقهم مُكَلَّفِين مستطيعين مَحْجُوْجِيْنَ(١) مأمورين منهيين، أمرنا بالَخْيرِ ولم يمْنَعْ منه، ونهى عن الشَّر ولم يُغْرِ(٢) عليه، وهداهم النجدين - سبيل الخير والشر، ثم قال: {اعْمَلُوا}، فكلٌ مُيَسَّر لما خُلِقَ له مِنْ عَمَلِ الطاعة، وترك المعصية، وقال تعالى: {خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ١٩ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}[عبس: ٢٠ - ٢١]، وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى ٣٧ وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ٣٨ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ٣٩ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى ٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات: ٣٧ - ٤١]، وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ٥ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ٧ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ٨ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ٩ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[الليل: ٥ - ١٠]، وقال تعالى: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ١٥ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ١٦ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ١٧ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}[الليل: ١٥ - ١٨]، وقال تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمْ الظَّالِمِينَ}[الزخرف: ٧٦]، و {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المائدة: ٧٩]، و {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الواقعة: ٢٤]، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}[التوبة: ١١٥]، فنفتِ المجبرة والمشبهة عن أنفسهم جميع المَذَمَّات، والظلم، والجور، والسَّفَه، ونسبوها إلى اللّه ø من جميع الجهات. فقالوا: خلقنا اللّه أشقياء، ثم عَذَّبنا بالنار، ولم يظلمنا. فأي استهزاء أعظم من هذا، وأي ظلم أوضح، أو جور أبْيَن مما وصفوا به اللّه ø؟!
(١) بمعنى خلق فيهم ما هو حجة عليهم وهو العقل لأنه أعظم الحجج، وأكّده ببعثة الرسول، وإنزال القرآن.
(٢) الإغراء: التولعة، أغرى بينهم العداوة: ألقاها، كأنه ألزقها بهم. تمت قاموس معنى.