مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[إثبات التفضيل]

صفحة 224 - الجزء 1

  وآله وأنزل عليه كتابه، وقد عَرَفْتَ أن الكتاب يتأوله جهال من الناس يزعمون أنه ليس لأهل هذه القبلة فضل، يَفْضُل به على بعض، من ذلك قول اللّه ø: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}⁣[الحجرات: ١٣]، فصدق اللّه وبَلَّغ رسوله، وفي هذه الآية حجة لآل محمد صلى اللّه عليه وآله وبيان فضلهم على الناس.

  ما فضل نبينا نفسه ولكن اللّه فضله، وجعل لذريته وقومه الفضل به على الناس، كما جعل ذلك لمن كان قبله من الأنبياء، وجعل أكرم كلِّ قبيلة وشعوبٍ من الناس أتقاهم، كما قال اللّه جل ثناؤه.

[إثبات التفضيل]

  وقد فضل اللّه القبائل بعضها على بعض، فجعل التفاضل بين الأنبياء وسائر الناس فقال: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}⁣[الإسراء: ٥٥]، وقال: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}⁣[البقرة: ٢٥٣]، وقال: {وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا}⁣[الإسراء: ٢١]، وقال: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}⁣[الزخرف: ٣٢]، وقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ}⁣[الروم: ٢٢]، فإذا اختلف شيء من خلق اللّه تفاضل، فللرجل الفارسي على الرجل الزنجي فضل - وإن أسلما جميعاً - في نسبهما وألوانهما بمعرفة الناس، وللسان العرب فضل على لسان العجم يعرفه الناس، لأنه لا يدخل في هذا الدين أحد من قبائل العجم إلا ترك لسان قومه وتكلم بلسان العرب.