مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[إثبات التفضيل]

صفحة 225 - الجزء 1

  هذا لتعرف إن شاء اللّه أن اللّه قد فضل القبائل بعضها على بعض في ألوانها وألسنتها، وتسخير اللّه بعضها لبعض.

  ثم جعل اللّه جل ثناؤه - أفضل القبائل حين فضل بينها في النعم - جعل لِبني إسرائيل - وَهم قبيلة وبنو أبٍ - فضلاً على قبائل بني آدم في زمانهم الذي كانوا فيه، فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}⁣[الجاثية: ١٦]، وقال موسى # لقومه: {يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ}⁣[المائدة: ٢٠]، فكانت بنو إسرائيل وهم قبيلة واحدة وبنو أبٍ مفضلين على قبائل بني آدم في الزمن الذي كانوا فيه، بنعمة اللّه عليهم إذ جعل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكاً أهل كتاب، وأكرمُ بني إسرائيل أتقاهم، كما قال اللّه تعالى.

  وإنما فَسَّرت لك تأول الناس هذه الآية لتعلم أن اللّه جعل لذرية محمد صلى اللّه ولقومه الفضل به، حين بعث اللّه منها النبي ÷ وأنزل الكتاب عليه، وأكرمهم عند اللّه أتقاهم كما قال اللّه ø. وقال لهم: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}⁣[البقرة: ٢١٣].

  فكان الناس في الخلق حين خلق اللّه السموات والأرض وما ذرأ فيهما أمة من خلقه، قال اللّه تبارك وتعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}⁣[الأنعام: ٣٨]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى