مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

كتاب الصفوة

صفحة 226 - الجزء 1

  بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}⁣[النور: ٤٥]، وكل شيء فيه روح - نظر الناس إليه مما في البر - فإنما هو دابة أو طائر، فما تحرك وطار فهو الطائر، وما تحرك ولم يطر فهو دابة، وليس أمة من الدواب تمشي على رجلين غير الناس، قال اللّه ø: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}⁣[التين: ٤]، ثم قال: {يَاأَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ٦ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ}⁣[الانفطار: ٦ - ٧]، فقوَّمه على رجلين، ثم قال: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}⁣[الانفطار: ٨].

  وكان فيما بَيَّن اللّه لكم أنه مسخ أناساً فجعلهم في صور الناس فجعلهم قردة وخنازير، فتبارك اللّه رب العالمين.

  وسائر الدواب تمشي - كما قال اللّه تبارك اسمه - على بطونها وعلى أربع وعلى أكثر من ذلك، يخلق اللّه ما يشاء، ما تعلمون وما لاتعلمون، وليس هذا بهذا، ولكنها أسماء مختلفة، وخلق يعرف بعضه بغير بعض، والدواب كلها كذلك، ليس الإبل بالبقر ولا الغنم بالحمير ولا البغال بالخيل، فهي أمم كما قال اللّه ø، وغيرها من الأمم الدواب والسباع كذلك.

  فكان الناس في الخلق أمة من هذه الأمم فَضَّلهم اللّه على غيرهم من خلقه، وسخر لهم ما شاء من خلقه فقال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}⁣[الإسراء: ٧٠]، فجعلهم اللّه يركبون ظهوراً مما خلق ويشربون من ألبانها ويأكلون لحمها، وقال: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}⁣[الجاثية: ١٣]، فهذه نعمة وفضيلة جعل اللّه السماء سقفاً محفوظاً، وسخر لكم ما فيها، وجعل فيها منافع لكم والشمس والقمر والنجوم والرياح والسحاب والمطر، وجعل الأرض فِرَاشاً، وجعل فيها منافع لكم وأنهارها وأشجارها وفجاجها وسبلها وأكنانها.