مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

كتاب الصفوة

صفحة 230 - الجزء 1

  وإنما وصَفْتُ لك هذا لتعرف أنه لا يستقيم لمن خالف آل محمد صلى اللّه عليه وعلى أهل بيته وسلم من أهل هذه القبلة أن يقول: نحن أهل صفوة اللّه - حين ذكرها في الكتاب - دون آل محمد صلى اللّه عليه وعلى أهل بيته وسلم، ولابد لهم إن خالفوا آل محمد صلى اللّه عليه وعلى أهل بيته وسلم أن يكونوا أهل هذه الآية - التي ذكرها الله فتنال الصفوة - دون آل محمد، أو يكون آل محمد أهلها دونهم.

  فافهم ما ذكرت لك فإن اللّه تبارك وتعالى قال لنبيه صلى اللّه عليه وعلى أهل بيته وسلم: {هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي}⁣[الأنبياء: ٢٤].

  فواللّه إن دين اللّه لَدِيْنُه الذي بعث به النبي صلى اللّه عليه وعلى أهل بيته وسلم، وكان المسلمون عليه بعد نبيهم صلى الله عليه وعلى أهل بيته وسلم قبل تَفَرُّقِهم، فماذا شُبّه عليكم أيها الناس؟ فواللّه إن الحلال لَحلالٌ إلى يوم القيامة، وإن الحرام لحرام إلى يوم القيامة، وإن فريضته لواحدة، وإن حدوده لواحدة، وإن أحكامه فيه لواحدة، وقد قال اللّه ø: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}⁣[المائدة: ٢]، وإن معصية النبي صلى اللّه عليه ميتاً كمعصيته حياً.

  قال اللّه تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ}⁣[هود: ١١٦]، وما أهل بيت نبيكم بالمترفين فالله المستعان.

  فانظروا من بقية أهل الحق من القرون، فإن⁣(⁣١) اللّه تبارك وتعالى قال لنوح : {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ}⁣[الصافات: ٧٧]. وقال لبني إسرائيل:


(١) في (ط): وأن.