كتاب الصفوة
  محمد ÷، ثم سماها في الكتاب الذي بعث به محمداً ÷ فقال: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[البقرة: ١٤٣]، ثم قال إبراهيم وإسماعيل: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ}[البقرة: ١٢٩]، فهم ذرية إبراهيم وإسماعيل وهم دعوتهما قبل محمد ÷.
  ولم تكن الدعوة إلا لذرية إسماعيل، قال اللّه ø في قول إبراهيم صلى الله عليه: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}[إبراهيم: ٣٧]، فهم الذين لزموا الحرم من ذرية إبراهيم حتى انتهت إليهم دعوته، فبعث اللّه تبارك وتعالى منهم النبي ÷ وجعل منهم أمة مسلمة، قال اللّه جل ثناؤه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[البقرة: ١٤٣]. والوسط: العدل، قال تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ}[القلم: ٢٨]، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}[إبراهيم: ٤]، وقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[التوبة: ١١٥].
  ثم بعث اللّه جل ثناؤه محمد ÷ بلسان قومه وجعله رسولاً إلى من ليس على لسان قومه، قال اللّه تبارك وتعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف: ١٥٨]. وكانت الأمة المسلمة من ذكرهم - في دعوة إبراهيم وإسماعيل - من اتبع النبي ÷ من قريش وهاجر معه وتعلموا الكتاب والحكمة وبلغوا القرآن منه بلسانه وألسنتهم.
  وكان لمحمد ÷ أهلاً وذريةً دون قومه، فآمنوا به وصَدَّقوه