مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

[جواب الإمام زيد على الشامي في أمر عثمان]

صفحة 288 - الجزء 1

  مع نَفْيِه أبا ذر⁣(⁣١) ¦ من المدينة إلى الرَّبذَة⁣(⁣٢)، وإنما ينفى عن مدينة


= فعل ما استنكره الناس منه، قد وردت في ذمه أخبار كثيرة، منها مارواه الحاكم في المستدرك (٤/ ٤٧٩) وصححه عن عبدالرحمن بن عوف أنه قال: كان لايولد لأحد بالمدينة ولد إلا أتى به النبي ÷، فأُدْخِل عليه مروان بن الحكم، فقال: هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون. وزوجه عثمان ابنته وأعطاه مائة وخمسين ألف أوقية من الذهب من بيت مال المسلمين، وقيل أعطاه خمسمائة ألف درهم خراج إفريقية، وقيل أعطاها ابن أبي سرح؛ وهلك سنة (٦٥ هـ).

(١) أبو ذر الغفاري اسمه: حندب بن جنادة الغفاري، كان أحد السابقين إلى الإسلام والمقربين إلى رسول اللّه ÷ وكان من النجباء، وممن يقول بتفضيل أمير المؤمنين #، عُرِفَ بالزهد والصدق والعلم والعمل، وكان لا تأخذه في الحق لومة لائم، قال عنه النبي ÷: «ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر». وتوفي أبو ذر بالربذة سنة (٣٢ هـ).

(٢) الأسباب التي نُفِي أبو ذر من أجلها إلى الربذة مصادرها التاريخية كثيرة ولا يسع المقام حصرها وسردها، ولكن نختار من ذلك، ما رواه ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة (٤/ ٣٧٥) قال: (وسأورد القصة باختصار):

وأصل هذه الوقعة: أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال، واختص زيد بن ثابت بشيء من ذلك، جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع: بشر الكافرين بعذاب أليم، ويرفع بذلك صوته، ويتلو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣٤}⁣[التوبة]، فرفع ذلك إلى عثمان مراراً وهو ساكت، ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه: أن أنتَهِ عما بلغني عنك، فقال أبو ذر: أو ينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله؛ فوالله لأن أرضي الله بسخط عثمان، أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضى عثمان.

فأغضب عثمان ذلك، إلى أن قال عثمان يوماً والناس حوله: أيجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئاً قرضاً، فإذا أيسر قضى فقال كعب الأحبار [من علماء اليهود]: لا بأس بذلك، فقال أبو ذر: يا ابن اليهوديين أتعلمنا ديننا، فقال عثمان: قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي، الحق بالشام، فأخرجه إليها.

قلت: فهذا الإخراج الأول لأبي ذر من المدينة إلى الشام، وكان الوالي من قِبَل عثمان هو معاوية.

قال ابن أبي الحديد: فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، إلى أن بنى معاوية مدينة الخضراء =