مقتل عثمان
  سَدِمَ(١) من ذلك دهراً طويلا، ومع أخذه مفاتيح بيت مال المسلمين من عبدالله بن الأرقم(٢)، وإنفاقه المال على من أحب من أقاربه.
  [قال خالد بن صفوان]: وأشياء كثيرة ذكرها وعددها. فإعجم القوم عن جوابه، لأنه جاءهم بأمر حَيَّرهم، فقالوا له: صَدَقْتَ ياابن رسول اللّه، والحَقُ ما قلت، إن القوم لم يقتلوا عثمان إلا عن أمر بَيِّنٍ، وخلاف ظاهر، وجورٍ شامل، ونكث.
= فأخذ ودخل عثمان، فدعا به فضربه حتى غشي عليه، ثم أخرج فحمل حتى أتي به منزل أم سلمة ^، فلم يصل الظهر والعصر واولمغرب، فلما أفاق توضأ وصلى، وقال: الحمد لله، ليس هذا أول يوم أوذينا في الله تعالى.
وبلغ عائشة ما صُنِع بعمار فغضبت أيضاً، وأخرجت شَعَراً من رسول الله ÷ ونعلاً من نعاله وثوباً من ثيابه وقالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، وهذا ثوبه وشعره ونعله لم يَبْل بعد.
ابن أبي الحديد (٣/ ٣٧)، الغدير (٩/ ١٥) عن البلاذري في الأنساب (٥/ ٤٨).
(١) سدم: أصيب بالمرض، والهم، والحزن.
(٢) عبدالله بن الأرقم بن أبي الأرقم، واسمه عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف القرشي الزهري، أسلم عام الفتح، وكتب الوحي للنبي ÷ ثم لأبي بكر ثم لعمر واستعمله على بيت المال وبقي إلى أن مات عمر، ثم ولاه عثمان على بيت المال، وأعطاه ثلاثين ألفاً فأبى أن يقبلها، وقال: إنما عملت لله، وتوفي في خلافة عثمان.
وقصة المفاتيح: أن عثمان أعطى أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال، في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال، فجاء ابنالأرقم بالمفاتيح، فوضعها بين يدي عثمان وبكى، فقال عثمان: أتبكي أن وصلت رحمي؟ قال: لا، ولكن أبكي لأني أظنك أخذت هذا المال عوضاً عما كنت أنفقته في سبيل في حياة رسول الله ÷، والله لو أعطيت مروان مائة درهم لكان كثيراً، فقال عثمان: ألق المفاتيح يا ابن أرقم فإنا سنجد غيرك.
ابن أبي الحديد (١/ ١٥٤)، الأميني في الغدير (٨/ ٢٦٠).