مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

رسالة الحقوق

صفحة 311 - الجزء 1

  المتواضع، خاشعاً بالسُّكُون والوَقَار، واحضار المشاهدة بيقين بالله، فإذا كملت فقد فاز بها، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر⁣(⁣١).

  وحقّ اللّه في الصيام: اجتناب الرَّفثِ وفَضُولِ الكلام، وحِفْظِ البَصَر، وتحريم الطعام، والشراب، والصوم جُنَّة من النار، ومن يَعْطَش لله جل ثناؤه أرواه من الرحيق المختوم في دار السلام.

  وحق اللّه تعالى في الأموال: على قَدْرِها، فما كان من زكاة فإخراجها عند وجوبها، وتسليمها إلى أهلها، فإن أخرجتموها إلى غير أهلها فهي مَضْمُونَة لأهلها في جميع المال، وهي إذا لم تُخْرَج إلى أهلها مَخْبَثَةٌ لجميع المال، فيجب إخراجها بيقين وإخلاص، فتلك من أفضل الذَّخائر عند اللّه ø وهي مقبولة.

  وإذا توجه العبد إلى اللّه بقَصْدٍ ونِيَّة أقبل إليه بالخير، وإذا اهتدى زاده هداية في هدايته إليه، وَبَصَّرَه وعَرَّفه طريق نجاته، فإنما يريد اللّه اليُسْر وهو الهادي، وهو المُسْعِف بالقوة على صعوبة الحق وثِقَلِهِ على النفوس.

  ومن علامات القاصد إلى اللّه إقبال قَلْبِه وجوارحه، وإرشاد النفس واستعبادها بالتذلّل والخشوع والخشية له، السَّالِمة من الرِّياء، والتخلص من السمعة بالصلاح.

  وحق اللّه على عبده في أئمة الهدى: أن ينصح لهم في السِّر والعلانية، وأن يجاهد معهم، وأن يبذل نفسه دُوْنَهم، إن كان قادراً على ذلك من أهل السلامة.

  وحق اللّه على عبده في معرفة حقوق العلماء، الدَّالين عليه في الأمر والنهي: أن يسألهم إذا جَهِل، وأن يَعْرِفَ لهم حقهم في تعليم الخير.

  وحقّ اللّه على العالمِ في علمه: أن لا يمنعه من الطالبين، وأن يغيث به الملهوفين.

  وحقّ اللّه على المالِك في مِلْكِ يده: أن لا يكلفه من العمل فوق طاقته، وأن يُلِينَ


(١) اقتباس من قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ٤٥}⁣[العنكبوت].