مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

فاتحة الكتاب

صفحة 323 - الجزء 1

  {الرَّحْمَنِ}: مجازه ذو الرحمة، وكانت العرب لا تعرف الرحمن في أسماء الله تعالى، ولا تسمي الله تعالى به، وكانوا يقولون لعراف⁣(⁣١) اليمامة: رحمن اليمامة، وكان أهل الكتاب يعلمون أنه من أسماء الله تعالى.

  فلما أنزله الله تعالى على نبيه ÷ قالت قريش: {وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا}⁣[الفرقان: ٦٠]، يقول: إنا لا نعرف هذا الاسم من أسماء الله تعالى، ولا ندعوه بما لا نعرف، فقال الله تبارك وتعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}⁣[الإسراء: ١١٠]، يقول: فأي ذلك دعوتموه به فهو اسمه وهو حَسَنٌ.

  والرحمن المنّان.

  ثم قال: {الرَّحِيمِ ١}، ومجاز الرحيم: الرحمن المترحم الرحيم بعباده، ففي رحمته يتقلبون وبرحمته ما بأنفسهم من نعمة وما سخر لهم في السماء والأرض، وما أنزل عليهم من غيث، وما أخرج لهم من معاش.

  ومن رحمته بخلقه أمهلهم في إعطائه وهم يعبدون به غيره، ومن رحمته استتابهم من شتمه وتكذيب كتبه وقتل رسله ولم يعجل إهلاكهم على عظيم ما ركبوا، فأكرم الأكرمين وأرحم الراحمين الرؤوف الحكيم، اللهُ الذي هو كذلك لا مثل له من خلقه.

  وتأويل الرؤوف الرحيم واحد والكلمة جامعة لكل نعمة في الدنيا. وتأويل الرحمة من الله لعباده: إغاثة الفقير، والصفح عن الإساءة؛ فالله ø غياث كل مضطر وخير الغافرين.


(١) عراف اليمامة: هو مسيلمة الكذاب، كان يقال لها رحمان اليمامة.