مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي (ع)،

الإمام زيد بن علي (المتوفى: 122 هـ)

(4) ومن خطبة له حين خفقت رايات الجهاد

صفحة 367 - الجزء 1

  اتبع⁣(⁣١)؟ أم طَمَعَ في ميلي معه، وبسطي يدي في الجور له؟ هيهات هيهات، فاز ذو الحق بما يهوى، وأخطى الظالم بما تمنى، حق كل ذي حق في يده، وكل ذي دعوى على حجته، وبهذا بعث اللّه أنبياءه ورسله عليهم الصلاة والسلام، ولم يخُطِ المنصفُ حضَّه، ولم يُبْقِ الظالم على نفسه، أفلح من رضي بحكم اللّه، وخاب من أرغم الحقُّ أنفَه، العدل أولى بالآخرة ولو كره الجاهلون.

  حق لمن أمر بالمعروف أن يجتنب المنكر، ولمن سلك سبيل العدل أن يصبر على مرارة الحق، كل نفس تسموا إلى مناها، ونعم الصاحب القنوع، وويل لمن غَصَب حقاً، أو ادعا باطلاً.

  أيها الناس، أفضل العبادة الورع، وأكرم الزاد التقوى، فتورعوا⁣(⁣٢) في دنياكم، وتزودوا لآخرتكم، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، وإياكم والعصبية، وحمية الجاهلية، فإنهما يمحقان الدِّين، ويورثان النفاق.

(٤) ومن خطبة له حين خفقت رايات الجهاد

  روى السيد الإمام أبو العباس الحسني في المصابيح بإسناده عن سعيد بن خثيم رحمة اللّه تعالى: أن الإمام الأعظم أبا الحسين، المنزه عن كل شين، زيد بن علي عليهما الصلاة والسلام لما كَتَّب كتائبه، وخفقت راياته، رفع يده إلى السماء، ثم قال:

  الحمدلله الذي أكمل لي ديني، واللّه ما يسرني أني لقيت محمداً ÷، ولم آمر في أمته بالمعروف ولم أنههم عن المنكر، والله ما أبالي إذا أقمتُ كتاب اللّه ø وسنة رسوله ÷؛ أن أجِّجَت لي


(١) في نسخة: حكم.

(٢) في النسخ الموجودة لدي: (فرعوا) ولعل الصحيح ما أثبته.