إيلام الأطفال
  فإن قيل: إن الآلام قد يقف حصولها على اختيار العبد، فإنه قد يصل إلى بعض البلدان المعروفة بالوباء فيصيبه السدم (الملاريا) مما يدل على أن الألم من فعل طبيعة البلد.
  قلنا: دخول بلد الملاريا سبب في حصول المرض.
  واعلم أن الله سبحانه وتعالى قد بنى أمور الدنيا على الأسباب، فجعل خلق الولد مسبباً عن وضع النطفة في المكان المخصوص، وإنبات الحب بسبب من المطر والتراب، وحصول العلم بسبب من الفكر والنظر و ... إلخ، ولله سبحانه وتعالى في ذلك من الحكم والمصالح ما قد يعرف بعضها أهل الذكاء والفطنة.
  والذي يدل على أن المرض من فعل الله تعالى أن جماعة من الناس قد يدخلون بلد الملاريا فتصيب بعضهم الحمى، ولا تصيب البعض الآخر، وقد يتعرضون للشمس فيمرض البعض دون البعض، وهذا دليل على أن مرض البعض بفعل فاعل مختار، وطبيعة البلد لا اختيار لها وليست علة في حصول المرض، وإنما هي سبب، والسبب غير موجب للمرض كما ذكرنا فيمن يدخل بلد الملاريا، أو يتعرض لأشعة الشمس.
إيلام الأطفال
  ينزل الله تعالى الألم بالأطفال لمصالح وحكم عظيمة منها:
  ١ - نيل العوض الزائد على الألم، فإن الله تعالى سوف يعوض صاحب الألم بما يود عند رؤيته أنه قُرّض بالمقاريض لما يرى من عظيم المنافع والأعواض.
  ٢ - تعريض الوالدين - إن صبرا - لأجر الصابرين وذلك لما يتسبب عنه إيلام طفلهما من همهما وحزنهما، مع ما يضاف إلى ذلك من عوض ألم الهم والحزن.
  ٣ - وما في ذلك من العظة والاعتبار والألطاف.