الجواب على دعوى النسخ لهذه الآية
  ٢ - لا يكون المدح ولا يتم إلا إذا كانت الرؤية لله مستحيلة وغير ممكنة، أما إذا كانت لمانع غير الاستحالة فلا يصح التمدح، وهذا واضح.
  ٣ - التخصيص هنا لا يصح ولا يجوز، وذلك:
  أ - لأن بين نزول الآيتين فترة طويلة، فإحدى الآيتين في سورة الأنعام والأخرى في سورة القيامة، كما ذلك محقق في أصول الفقه.
  ب - {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣] خبر من الله تعالى يجب اعتقاد معناه والإيمان به عند نزوله بلا خلاف، والمعنى كما ترى عام، فلو كانت مخصصة لكان اعتقاد معناها جهلاً، ويكون الله تعالى حين نزولها قد أمر باعتقاد الجهل والباطل، وأمر بالإيمان به، ومثل ذلك لا يجوز على الله، ولا ينبغي لمسلم نسبته إليه جل وعلا.
  ج - قال الكثير من أهل الأصول: إن التخصيص لا يكون إلا في الأوامر والنواهي دون الخبر، والآية المذكورة خبر.
الجواب على دعوى النسخ لهذه الآية
  فإن قيل: يحمل ذلك على النسخ.
  قلنا: النسخ أبعد، وذلك لأن النسخ لا يكون إلا في الأحكام المتعلقة بمصالح العباد، دون الأحكام المتعلقة بصفات الله تعالى وأسمائه وما يلحق بذلك، والدليل على ما قلنا أن مصالح العباد تختلف بحسب اختلاف الأحوال والأوقات؛ فتختلف الأحكام تبعاً لاختلاف الأحوال والأوقات، ألا ترى أن الله تعالى كلف المؤمنين في أول الأمر بأن يصبر الواحد منهم في القتال لعشرة من المشركين، وقد كان المسلمون حين هذا التكليف قلة قليلة يحتاج مثلهم إلى صبر عظيم، وحماس شديد، وهمة عالية، وتوطين الأنفس على التفاني والاستماتة في سبيل دينهم وعقيدتهم، وكانت حالتهم في ذلك الوقت لا تسمح لهم بالتراخي والكسل، ولو لم يعدوا أنفسهم هذا الإعداد ويوطنوها هذا التوطين لالتهمهم المشركون، واستأصلوهم تماماً.