مالك، ورب، وحليم، وغفور
مالك، ورب، وحليم، وغفور
  اختلف في هذه الصفات من أي القبيلين هي؟
  والذي يظهر لي أنها من صفات الفعل، وذلك أن لفظة مالك ثبتت لله ø باعتبار فعل، هو إحداثه للمملوك وملكه له، وكذلك رب فإنه يثبت له تعالى باعتبار فعل، هو إحداثه للمربوب وملكه له.
  وحليم صفة لله تعالى باعتبار فعل هو إمهال العصاة، مع إسبال النعم، وكذلك غفور، فإنه باعتبار فعل، هو قبول التوبة.
  وقد قيل: إن مالكاً ورباً صفتا ذات، إما لأنهما بمعنى قادر، كما يقول الإمام المهدي #، وإما لكونهما بمعنى أن المملوك له جل وعلا من غير اعتبار فعل، وهذا المعنى ثابت لله عز وعلا من قبل أن يخلق المملوك والمربوب، وهذا مبني على أنه يصح إطلاق المشتق حقيقة على صاحبه قبل أن يحصل الفعل، واختار هذا القول صاحب الأساس.
  وقيل في حليم وغفور: إنهما ليسا من صفات الفعل، بل من صفات النفي، بمعنى أنه تعالى تارك لانتقام العصاة.
  قلنا: لو كان مالك ورب بمعنى قادر لكانا صفتي ذات، غير أنهما لا يدلان على معنى قادر، وإن دلا عليه فإنما يدلان عليه بالالتزام لا بالمطابقة، ودلالة الالتزام لا تكفي لصحة ذلك، وإلا لصح لنا أن نقول: إن عالماً بمعنى قادر من حيث إن عالماً يدل على فاعل المحكم بالمطابقة، ويدل على قادر بالالتزام، وهذا لا يقوله أحد من أهل الكلام.
  واحتجاج صاحب الأساس غير مفيد، وإلا لزم أن يكون خالق ورازق صفتي ذات وما أشبه ذلك من صفات الأفعال، ولا قائل بذلك، وذلك أنه # بنى احتجاجه على أنه يصح اشتقاق الصفة من فعل مستقبل، ويكون إطلاقها حقيقة لا مجازاً.