قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

في تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقات

صفحة 38 - الجزء 1

في تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقات

  لا خلاف بين المسلمين في أن الله تعالى لا يشبه المخلوقات.

  وقالت الحشوية: إن الله تعالى جسم له أعضاء وجوارح - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً -.

  قالت الحشوية ذلك بعد أن أجمعت مع المسلمين على أن الله تعالى منزه عن مشابهة المخلوقات؛ لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، ثم نقضت قولها وخالفت الإجماع، فقالت: إنه تعالى جسم، له أعضاء وجوارح، يمشي، ويهرول، ويصعد، وينزل، و ... إلخ.

  والجواب: أن الله تعالى لو كان جسماً لكان محدثاً كسائر الأجسام؛ لوجود أثر التقدير والتدبير والصنعة.

نفي المكان

  والله تعالى ليس بذي مكان يشغله، ولا يجوز عليه الانتقال من جهة إلى جهة وذلك أنه لا يشغل المكان إلا الأجسام، ولا ينتقل من جهة إلى جهة إلا ما كان جسماً أو تابعاً للجسم: كالعرض الذي تتصف به الأجسام، وبعد، فالمكان والجهة محدثان، والله تعالى هو الأول والآخر.

  وقيل: إنه بجهة فوق.

  وقيل: إنه تعالى بجهةٍ فوق العرش مماس للعرش.

  وقيل: فوق العرش مباين للعرش.

  وقالت الصوفية: إنه عز وعلا يحل في الصور الحسنة.

  قلنا في الرد عليهم: الحالُّ في جهة أو صورة لا يكون إلا جسماً أو عرضاً، والله تعالى ليس بجسم ولا عرض؛ إذ لو كان كذلك لكان محدثاً؛ لما ثبت من حدوث الأجسام والأعراض.