قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الطريق إلى الإمامة

صفحة 186 - الجزء 1

الطريق إلى الإمامة

  ولا تثبت الخلافة والإمامة لأحد من الناس إلا بدليل شرعي، وذلك أنها ولاية على دماء الناس وأموالهم، وبها يثبت للإمام حق وجوب السمع والطاعة على الرعية فيما أمر ونهى، وبها يكون خليفة للرسول ÷، يتكلم بلسانه، ويضرب بيده، ويكون له ما للرسول ÷، وعليه ما عليه.

  فلا يثبت هذا الأصل الشرعي العظيم لأحد من الناس إلا بدليل شرعي قاطع يذعن لصحته المسلمون.

  فقالت الزيدية جميعاً: الطريق إلى الإمامة هو النص في علي # والحسنين @ على التعيين، وفي ذريتهم النص الجملي الذي تضمنه حديث الثقلين المتواتر المعلوم، وهو قوله ÷: «إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي».

  وقالت المعتزلة والأشعرية: لا نص على إمام معين بعد النبي ÷، ولكن أجمع الصحابة على العقد والاختيار، فمن عقد له واختير - وهو من قريش - صار إماماً؛ للإجماع على ذلك، والإجماع دليل شرعي، هكذا قالوا.

  وقالت الحشوية: إن الإمامة تثبت بالقهر والغلبة.

  وقالت الإمامية: النص الجلي على اثني عشر إماماً معينين بأسمائهم.

  وأصح الأقوال وأقومها هو القول الأول الذي هو قول الزيدية.

  أما غيره من الأقوال فلم يقم على شيء منها ما يدعمه من الدلائل.

  أما احتجاج المعتزلة والأشعرية بالإجماع فهو احتجاج يكذبه الواقع، فبيعة أبي بكر كانت فلته وقى الله شرها من وقى كما روي في الصحاح، وبيعة عمر كانت بالوصية من أبي بكر بلا ريب، وبيعة عثمان كانت بالوصية من عمر في واحد من ستة، فلا إجماع في ذلك، ولا عقد، ولا اختيار.

  فإن قيل: قد أجمعوا على إمامة أبي بكر، وإن كانت فلتة، وكذلك على إمامة عمر، وإن كانت بالوصية، وكذلك على إمامة عثمان، وإن لم تتدخل في إمامة واحد من الثلاثة جماعة الحل والعقد.