قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

التفرق والاختلاف

صفحة 174 - الجزء 1

  وفي السنة ما لا يكاد يحصى مما يؤيد ما ذكرنا.

  وهذا بالإضافة إلى ما جاء في القرآن مما يؤكد ذلك، كآية التطهير، وآية المودة و ... إلخ.

  نعم، هذه الأدلة الأربعة التي هي الكتاب والسنة والقياس والإجماع هي الأصول التي تؤخذ عن طريقها أحكام الشريعة، ومن هنا سميت (أصول الشرائع)، وقد أدخلوا تحت هذا الاسم مع ما ذكرنا ما علم من الدين ضرورة، نحو: الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والجهاد، وتحريم الزنا، والخمر، والربا، وما أشبه ذلك من الأحكام القطعية المعلومة.

التفرق والاختلاف

  التفرق في الدين والاختلاف فيه منهي عنه في كتاب الله تعالى، قال الله تعالى و هو يخاطب المسلمين في سورة آل عمران: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ١٠٥}⁣[آل عمران]. وقال سبحانه وتعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ...} الآية [الشورى: ١٣].

  وفي الحديث المشهور: «ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة»⁣(⁣١).

  وبعد، فإن الاختلاف الذي يمزق الشمل ويحمل على التعادي والتباغض والقطيعة ممقوت في العقل، قبيح عند الفطرة؛ وذلك لما يؤدي إليه من الفساد والدمار، وقد قال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ..} الآية [الأنفال: ٤٦].

  لذلك فلا يجوز ولا ينبغي الالتفات إلى ما يقوله بعض المتطفلين من تسهيل أمر الخلاف ومن الطعن في حديث «ستفترق أمتي ...» ثم روايتهم لحديث:


(١) ورد في كتب أهل الحديث بألفاظ مقاربة انظر: كشف الخفاء (١/ ١٦٩) رقم (٤٤٦) وذكر أنه رواه ابن أبي الدنيا وأبو داود والترمذي والحاكم وابن حبان وصححوه والشعراني في الميزان. (منه باختصار).