خاتمة هذا الباب
  وقتل معاوية ما لا يحصى من المسلمين في صفين، وفيما بعده، وقد عظم الله تعالى قتل المؤمنين تعظيماً كبيراً، وشدد فيه الحكم، فقال تعالى في سورة النساء: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} ... إلى قوله عز وعلا: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ٩٣}[النساء: ٩٢ - ٩٣]، وقال سبحانه: {... أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}[المائدة: ٣٢].
  وفي الحديث: «من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله»(١) أو كما قال، إلى غير ذلك.
  إذا كان أهل السنة والجماعة لا يرون على الناكثين والقاسطين بأساً فيما فعلوا من المناكير وسفك الدماء فبالأولى والأحرى أنه لا بأس على من ذكرهم بسوء أعمالهم، وإذا كان ذلك لا يضرهم فإنه لا يضر المتكلم كلامه فيهم.
  فما بال أهل السنة يحكمون على من تكلم في معاوية بسوء عمله بالأحكام المغلظة كالزندقة والرفض والفسق ويجرحون عدالته ويبالغون في ذمه والاستنكار عليه؟
خاتمة هذا الباب
  بايع الصحابة والمسلمون بعد مقتل عثمان لعلي بن أبي طالب #، ولقبوه خليفة المسلمين.
  فأول من خرج عن طاعته وبغى عليه طلحة والزبير وعائشة وجماعة قريش، ونصرهم أهل البصرة، فحاربهم أمير المؤمنين #، وانتصر عليهم انتصاراً ساحقاً، ثم تأبى عليه معاوية ابن أبي سفيان وأهل الشام فلم يدخلوا في طاعته، وحصل بينهم حرب طويلة، قتل فيها عشرات الآلاف من المسلمين.
(١) السنن الكبرى للبيهقي (٨/ ٤١) رقم (١٥٨٦٥)، جامع الأحاديث (١٩/ ٤٩٦) رقم (٢١٣٢٢، ٢١٣٢٣)، وعزاه لأبي داود والبيهقي والطبراني وابن عساكر والبيهقي ... إلخ.