قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

بعث كل ذي روح

صفحة 287 - الجزء 1

  اللَّيْلَ لِبَاساً ١٠ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً ١ وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً ١٢ وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً ١٣ وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً ١٤ لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً ١٥ وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً ١٦}⁣[النبأ]، ثم قال سبحانه وتعالى بعد ذلك: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً ١٧ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً ١٨ ...}.

  فجعل سبحانه ما تقدم من قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ ...} إلخ. دليلاً على يوم الفصل، وما ذلك إلا لما ذكرنا من طرد الحكمة التي تقضي بحتمية البعث والفصل، وفي القرآن الكريم من أمثال ذلك كثير، والغرض هنا هو الإشارة.

بعث الناس عراة

  قيل: يبعث الناس ويحشرون حفاة عراة، وهذا القول ليس بصحيح، والصحيح أنهم يبعثون في أكفانهم، ذكر ذلك الإمام المرتضى بن الهادي #، والإمام القاسم بن علي العياني #، وغيرهما من أئمتنا، ومما استدلوا به ما روي عن النبي ÷: «إن الميت ليبعث في ثيابه التي يموت فيها»⁣(⁣١).

  وللإمام الهادي # كلام طويل استنكر فيه على من يقول: إن الناس يحشرون حفاة عراة، وفيه: إن ذلك من القبائح التي لا يجوز أن يفعلها الله تعالى، هذا معنى كلامه #.

بعث كل ذي روح

  ويبعث الله تعالى كل من نفخ فيه الروح من جميع الحيوانات، لقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ٣٨}⁣[الأنعام].

  وتعاد أجزاء الحي كاملاً من غير نقص شيء منه، روى المرتضى بن الهادي [بسنده] عن أبيه عن آبائه عن علي $ أنه قال: (يحشر الله أولياءه يوم القيامة في أكمل ما كانوا عليه في دنياهم، وفي سن أربعين سنة، ثم يوصلهم الله سبحانه إلى ما أعد لهم من ثوابه وجزيل عطائه).


(١) المستدرك على الصحيحين (١/ ٤٩٠) رقم (١٢٦٠)، رجال الكشي (١/ ٢٠٥).