الكلام على حديث: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»
  وقد تستدل المجبرة بالاستثناء في قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ١٠٦ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ١٠٧}[هود] فقالوا: إلا ما شاء ربك من إخراج أهل الكبائر بالشفاعة من النار.
  قلنا: الاستثناء قد وقع في حق الذين سعدوا {فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ١٠٨}[هود]، وقد وقع الاتفاق على أن أهل الجنة خالدون فيها أبد الآبدين، وأن المراد بالاستثناء في حقهم هو قبل دخول الجنة، وهو وقت وقوفهم في المحشر.
  وعلى هذا فيكون المراد بالاستثناء في حق الأشقياء مثل الاستثناء في حق أهل الجنة، والفرق بين التفسيرين تحكم.
الكلام على حديث: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»
  قالوا: جاءت الأحاديث عن النبي ÷ كحديث: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».
  قلنا: إذا جاء الحديث بخلاف ما جاء به القرآن فإنه يجب طرحه، ولا يجوز الالتفات إليه، ولا العمل به.
  وقد جاء من السنة أحاديث كثيرة تعارض هذا الخبر، من ذلك قوله ÷: «لا يدخل الجنة صاحب مكس، ولا مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم، ولا منَّان»(١)، وقوله ÷: «لا يدخل الجنة بخيل»(٢)، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
(١) جامع الأحاديث (١٧/ ٩٩) رقم (١٧٦٦٦) بزيادة.
(٢) جامع الأحاديث (١٧/ ٩٦) رقم (١٧٦٥٨) بزيادة.