قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

والله تعالى لا تحله الأعراض

صفحة 44 - الجزء 1

  وقد خلق الله تعالى آدم # من غير أب ولا أم، ولم يدَّع له أحدٌ بسبب ذلك الإلهية، وموسى # أحيا القتيل بإذن الله، وفلق البحر بعصاته، وإلى آخر الآيات التي ظهرت على يديه فلم يدع له أحد بذلك الإلهية، لا النصارى، ولا غيرهم.

والله تعالى لا تحله الأعراض

  والله تعالى لا تحله الأعراض؛ وذلك لأن الأعراض من صفات الأجسام وخواصها، فلا يمكن تصورها إلا في جسم، والله تعالى ليس بجسم، فلا تتعلق الغفلة بالخالق جل علا، ولا التفكير، ولا النسيان، ولا الهم والغم، وما أشبه ذلك من طبائع الأجسام وصفاتها.

  وقال قوم من المجوس: إنّ يزدان - الذي هو الله تعالى عندهم - لما استتب له الأمر تفكر في نفسه فقال: لو كان لي مضاد ينازعني كيف كان يكون حالي معه؟ فحدث من فكرته هذه الردية إهرمن، وهو الشيطان.

  والجواب: أن هذه المقالة تحمل الطابع الخرافي وتنادي عليه، ولا دليل لهم على مقالتهم ولا شبهة إلا مجرد أوهام وخيالات لا يحتاج في تزييفها إلى أكثر من عرضها على العقل.

اللَّوح

  اللوح المذكور في القرآن هو عبارة عن علم الله تعالى، ولا لوح على الحقيقة.

  وقالت الحشوية وغيرهم: بل اللوح على حقيقته، وهو أول مخلوق.

  والجواب: أنه لا يحتاج إلى التسجيل والكتابة إلا الذي يخاف النسيان والغفلة، والله تعالى لا تلحقه غفلة ولا نسيان، وذلك لأنه ليس بجسم، والغفلة والنسيان عرضان مختصان بالأجسام.

  وقولهم: إنه أول مخلوق نقول في الجواب عليه: إن بعض أكابر أهل البيت $ قد رووا عن النبي ÷: «إن أول ما خلق الله فتق الأجواء»⁣(⁣١)،


(١) شرح نهج البلاغة (١/ ٢٨).