قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تيسير الله سبل طاعته وتجنيب سبل معصيته

صفحة 98 - الجزء 1

  أن التوفيق والتسديد والعصمة والإعانة و .... إلخ معناها التيسير لليسرى التي ذكرها الله تعالى في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ٥ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ٧}⁣[الليل]، وحصول كل ذلك لا يكون إلا للمؤمنين المتقين، كما ذكر الله في الآية هذه، وكما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ له مَخْرَجاً}⁣[الطلاق: ٢]، أي مخرجاً من فتن الوقوع في المآثم والعظائم.

  ولا ينافي ذلك كما ذكرنا الاختيار، فإن العبد المؤمن هو الذي يختار فعل الطاعات وترك المعاصي، وعناية الله ورعايته تحوطه وترعاه.

  أما كيفية التوفيق والتسديد والعصمة التي يعطيها الله تعالى عباده المتقين فهي أن الله تعالى يزيد في بصائر المهتدين المستجيبين، كما ذكر الله تعالى في قوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً}⁣[محمد: ١٧]، {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}⁣[الحديد: ٢٨]، {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً}⁣[الأنفال: ٢٩]. والفرقان هو زيادة تنوير العقل.

  فإذا زاد نور القلب ازداد المؤمن إيماناً بالله، واستحكمت المعرفة به تعالى، وازداد رسوخاً في الخشية له جل وعلا.

  فإذا حصلت خشية الله ورسخت حجزت صاحبها عن الوقوع في المعاصي، وقيدته، وساقته إلى فعل الطاعات وتحري رضا الله تعالى، وتسبب ذلك أيضاً في زيادة حب الإيمان، وكراهة الكفر والفسوق والعصيان، وعندها يحظى المؤمن بتيسير الله له سبل الطاعة، ويجنبه سبل المعصية.

تيسير الله سبل طاعته وتجنيب سبل معصيته

  يقع ذلك على صور كثيرة، منها: أن يرزق الله العبد زوجة صالحة تعينه على أمور دينه، وأن يرزقه الله تعالى أولاداً صالحين كذلك، وأن يكون في مجتمع صالح، أو أن يكون في بلد العلماء المحقين، وتتيسر له العلاقة معهم، وتُلقى في قلبه محبتهم، وأن يغنيه الله تعالى عن الفقر، ويعطيه الكفاية فلا تحدثه نفسه بعد