الدليل
  عليك النظر في صحة ذلك، فإن كان ما يقوله الرجل صحيحاً أخذت حذرك.
  فحكم العقل في مثل هذا واضح وهو تحتم النظر في صحة الخبر، وذلك من أجل المحافظة على النفس وسلامتها من المهالك ..
  فمن هنا قلنا: إن النظر والفكر واجب عقلاً فيما أخبرت به الرسل À من الوعيد والعذاب الشديد الذي أعده الله تعالى للعصاة على ألسنة رسله.
  وأما وجوب النظر والفكر سمعاً فذلك مما لا خلاف فيه إلا عن التعليمية حيث قالوا: لا يدرك بالعقل إلا الضروريات، أما الاستدلاليات فيدركها الإمام أو الشيخ ثم يعلمانها الناس.
  والأدلة من السمع كثيرة كقوله تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[يونس: ١٠١] {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ... الآية}[الروم: ٨]، إلى غير ذلك من الآيات.
  لهذا كان النظر فرض عين على جميع المكلفين، وذلك لما يبتني عليه من معرفة الله ومعرفة رسله ووعده ووعيده و ... إلخ.
  هذا، وقد سهّل الله طريق النظر والفكر ويسرها لجميع عباده المكلفين، فإنه سبحانه وتعالى خلقهم وفطرهم على النظر والفكر المؤدي بهم إلى معرفته ø، لهذا فإنك ترى الصبي في أول تمييزه يكثر البحث والسؤال لأمه من أين أتى؟ ومن الذي خلقه؟ و ... إلخ.
الدليل
  لا بد للنظر والفكر من شيء يخوضان فيه ويتعلقان به، ومن خلال هذا الشيء الذي يخوض فيه النظر والفكر يتوصل العقل إلى النتيجة المطلوبة.
  والعلماء يسمون الشيء الذي يخوض فيه النظر والفكر دليلاً.
  ويسمى آية أيضاً، قال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ٢٠ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ٢١}[الذاريات]، وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاختلاف اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ١٩٠}[آل عمران]. والتعبير عن كيفية خوض الفكر حتى وصل إلى النتيجة يسمى استدلالاً.