قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

استدلالهم بثناء الله على الصحابة والتابعين والرد عليهم

صفحة 306 - الجزء 1

  وقال ÷ كما في صحيح البخاري⁣(⁣١) في علي # يوم خيبر: «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كراراً غير فرار، يفتح الله على يديه» فأعطاها علياً #، وروى مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص حين سأله معاوية عن ما هو الذي يمنعه من سب أبي تراب؟ يعني من سب علي #، فأجاب سعد بأن الذي يمنعه هو أنه سمع من رسول الله ÷ ثلاث خصال قالهن في علي #، لأن تكون له واحدة منهن أحب إليه من حمر النعم، فذكر سعد: تزويجه من فاطمة، وحديث يوم خيبر، وحديث الغدير.

  إلى غير ذلك من القضايا التي حدثت في القرن الأول، ومن طالع تاريخ ذلك القرن رأى تصديق ما قلنا.

استدلالهم بثناء الله على الصحابة والتابعين والرد عليهم

  وأما ما استدلوا به من ثناء الله تعالى على الصحابة والتابعين، فالمراد بذلك أهل الاستقامة منهم، الذين حافظوا على صفة الخيرية التي أثنى بها عليهم ربهم تعالى في القرآن في قوله تعالى مخاطباً لهم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}⁣[آل عمران: ١١٠].

  فبين الله تعالى أنهم استحقوا الخيرية من أجل أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وإيمانهم بالله، فمن استقام على ذلك فهو أهل للثناء والرضا، ومن تخلى عن تلك الصفة، فلا حظَّ له في شيء من الثناء، وليس له نصيب وتماماً كما قال تعالى مخاطباً للصحابة أولاً وبالذات: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ١٠}⁣[الفتح].

  ولا شك أن الصحابة بعد موت النبي ÷ قد تنكروا لأهل بيت النبي ÷ أشد التنكر، وبخسوهم حقوقهم، وصغروهم.

  من ذلك ما جرى على فاطمة بنت رسول الله ÷ من أخذهم ما بيدها من


(١) صحيح البخاري (٤/ ٦٠) رقم (٣٠٠٩)، (٥/ ١٨) رقم (٣٧٠١، ٣٧٠٢)، (٥/ ١٣٤) رقم (٤٢٠٩، ٤٢١٠).