قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الألطاف

صفحة 143 - الجزء 1

  النار والإيمان به لا يتنافى مع الإيمان الذي دعاه الله إليه، فغير مستحيل أن يجتمع الإيمان بما جاء به الرسول ÷ والإيمان بصلي النار في شخص واحد، وأما احتجاجهم بأن الله تعالى هو الذي تولى خلق أفعالهم من الكفر والإيمان، وقدرها وأرادها وشاءها، فهم لذلك لا يستطيعون الخروج منها فقد سبق الجواب عليه.

  هذا، وإخبار الله تعالى بأن الكفار سيموتون على الكفر إنما جاء بعد أن دعاهم النبي ÷ إلى الإيمان بما جاء به، وصرف لهم الآيات وبالغ في دعائهم، ولم يكن فيما دعاهم حينئذ الإخبار بأنهم لم يؤمنوا، فلما كان آخر الأمر أخبر الله تعالى نبيه ÷ بأنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم، فلم يحصل في حق الكفار تكليف ما لا يطاق حصولاً فعلياً إلا لو أنهم آمنوا أخيراً بما جاء به النبي ÷ إيماناً صحيحاً، وهذا محال؛ لإخبار الله تعالى بأنهم لا يؤمنون.

الألطاف

  المراد باللطف هنا اللطف الاصطلاحي: وهو ما يكون المكلف معه أقرب إلى فعل الطاعة وترك المعصية، وذلك كالتذكير والتخويف والنظر والاعتبار والآلام، فإن فعلت الطاعة وتركت المعصية من أجل الشرف وحب السمعة، أو من أجل القسر والإلجاء فليس من اللطف الاصطلاحي المراد هنا.

  وقد قسم الإمام المهدي اللطف إلى ثلاثة أقسام هي:

  ١ - لطف توفيق: وهو الذي تفعل عنده الطاعة لا محالة من دون إلجاء.

  ٢ - لطف عصمة: وهو الذي تترك لأجله المعصية لا محالة من دون إلجاء.

  ٣ - لطف مطلق: وهو ما كان المكلف معه أقرب إلى امتثال ما كلف به من فعل الطاعة وترك المعصية.

  واللطف ليس بموجب للملطوف فيه، فقد يحصل اللطف الداعي إلى الإيمان ولا يحصل الإيمان، ومن أمثلة ذلك ما ذكره الله تعالى في قوله في المنافقين: {أَوَلَا