قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

المؤثرات

صفحة 18 - الجزء 1

المؤثرات⁣(⁣١)

  التأثير في الحقيقة لا يكون إلا من فاعل، وهذا مذهب أئمتنا $، وقد أثبت بعض المعتزلة وغيرهم مؤثرات أخرى غير الفاعل وهي: العلة والسبب، والشرط، والداعي، والمقتضي.

  وسنوضح مقصودهم بشيء من الأمثلة.

  فقالوا العلة: إنها ذاتٌ نتج عنها صفة أو حكم، فالجسم مثلاً ذات نتج عنه التحيز، فالجسم علة في حصول صفة التحيز، وكالعلم فإنه نتج عنه صفة لصاحب العلم وعبروا عن هذه الصفة (بالعالمية) أو بكونه عالماً، وهكذا قالوا في الحياة والقدرة، وفي السواد والبياض، ونحو ذلك، وهذا التمثيل في الذات التي نتج عنها صفة.

  أما الذات التي نتج عنها حكم، فنحو المماثلة والمخالفة، مما لا يمكن تعقله إلا بتصور أمرين يتعلق بهما حكم المماثلة أو المخالفة فزيد وعمرو مثلاً متماثلان أو غير متماثلين، لذلك ينتج الحكم بالتماثل أو التخالف.

  ومثلاً القرب والبعد لا يتصوران ولا يتعقلان إلا بين شيئين، فلا يصح الحكم بذلك إلا إذا تصورت زيداً مثلاً مع البيت، فتحكم حينئذ بقرب زيد من البيت أو بعده عنه.

  وكما ينتج الحكم عن شيئين ينتج عما يجري مجرى الشيئين، ومثلوا لذلك (بصحة الإحكام)، فإنهم سموا ذلك حكماً نتج عن العلم والمحكم - الذي هو المخلوق ـ.

  والسبب: هو نحو النظر الذي يحصل بسببه العلم.

  والشرط: هو نحو الوجود، فإن الجسم لا يؤثر في حصول التحيز إلا إذا كان موجوداً.

  والداعي نوعان:

  ١ - داعي الحاجة: كالأكل والشرب فإن النفس تدعو إلى ذلك من أجل جلب النفع ودفع الضرر، وكالفرار من حر الشمس من أجل دفع ضررها.

  ٢ - داعي الحكمة: فإن الحكمة تدعو إلى فعل مكارم الأخلاق كالكرم والإحسان، وتدعو إلى ترك مساوئ الأخلاق كالبخل والجبن ونحو ذلك.


(١) هذا الدرس غير مقرر في المنهج على الطلاب.