قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

والله سميع بصير

صفحة 34 - الجزء 1

  غير أن الكفر يلزم الأشعرية بنسبتهم القبائح إلى الله تعالى، وبقولهم: إن الله كلف العباد ما لا يطيقون - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً -.

  أما قولهم برؤية الله تعالى يوم القيامة فإن قالوا كما قال الرازي: إن معنى ذلك هو المعرفة الضرورية، لا رؤية العين، فلا يلزمهم بذلك الكفر.

  وقول من قال: إنه يرى بلا كيف، قريب من قول الرازي، وذلك أنهم أثبتوا رؤية الله تعالى ثم نفوها بقولهم: بلا كيف، وذلك أن المرئي لا يرى إلا على كيفيات وصفات يكون عليها حال الرؤية: كالحركة أو السكون، والقرب أو البعد، والكبر أو الصغر، [والطول أو العرض]، وفي جهة الأمام أو اليمين أو عكسهما، و في جهة فوق أو تحت، وفي نور أو في ظلام، و على لون البياض أو غيره من الألوان أو ... أو ... إلخ.

  فإذا نفوا أن يكون الباري تعالى على أي صفة من الصفات والكيفيات فقد نفوا رؤيته، فإثباتهم مع ذلك للرؤية يرجع بالرؤية إلى معنى العلم الضروري الذي قال به الرازي، وهذا إن فتحنا باب التأويل، وهو الواجب إن أمكن وكان له وجه صحيح يقع عليه، غير أن التأويل لا يفيد الأشعرية لكفرهم من عدة وجوه كما تقدم.

والله سميع بصير

  لا خلاف في وصف الله جل وعلا بهذين الاسمين، وإنما الخلاف في معناهما، فعندنا أن معنى سميع في حق الله تعالى عالم بالمسموعات، ومعنى بصير عالم بالمبصرات، ولا يصح تفسيرهما بمن له آلة السمع وآلة البصر، وذلك لأن هاتين الآلتين من عوارض الأجسام وخصائصها، والله تعالى ليس بجسم فلا تحله الأعراض.

  وقال بعض المعتزلة: بل معنى هذين الاسمين أنه تعالى حي لا آفة به.