تخاليط الأشعرية والمجبرة في القدرة والجواب عليهم
  لكل واحد قدرة خاصة، فإذا حصلت القدرة على الحركة حصلت، وإذا لم تحصل القدرة استحال حصولها، فالعبد الذي لا يصلي يقولون في حقه: إنه كان لا يستطيع الصلاة لعدم وجود القدرة، وهكذا يعللون انتفاء الأفعال بعدم القدرة، ووجود الأفعال بوجود القدرة.
  ويستحيل عندهم من القادر على المشي أن يجلس، ومن الجالس أن يمشي، ومن الكافر أن يؤمن، ومن المؤمن أن يكفر و ... إلخ.
  قلنا: قولكم هذا مناف لما يجده كل عاقل من نفسه بضرورة عقله، فإن كل عاقل يجد من نفسه أنه يتصرف في أفعاله كيفما شاء على حسب إرادته وداعي نفسه، فإن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل.
  والعقلاء جميعاً بما فيهم المجبرة يستحسنون السؤال لبعضهم الآخر: لم فعلت؟ ولم تركت؟ يطرحون هذا السؤال ويريدون به بيان داعي النفس الذي دعاها إلى الفعل أو الترك. وما ذاك إلا لأن أفعال الإنسان تحصل على حسب داعي نفسه ومشيئته، لا على حسب وجود القدرة وعدمها، ولو كان الأمر كذلك لحسن أن يجيب الرجل عن ذلك التساؤل بوجود القدرة أو بعدمها، غير أن المجبرة أنفسهم لا يستحسنون الجواب بالقدرة أو بعدمها كغيرهم من الناس.
  وبعد، فلو كانت القدرة توجب الفعل، وتحصّله لا محالة لكان الفاعل غير مختار في أفعاله، ومن الضرورة والبديهة أن الإنسان مختار في أفعاله، يتصرف فيها كيفما شاء.
تخاليط الأشعرية والمجبرة في القدرة والجواب عليهم
  هذا، ومن تخاليط الأشعرية في القدرة أنهم يقولون: إن للعبد قدرة لا يوجد بها أي فعل، أما القدرة التي بها توجد أفعاله فهي قدرة الله تعالى.
  ونقول لهم: أي فائدة في قدرة العبد ما دام أنه لا يوجد بها أي فعل؟