قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سبب سكوت أمير المؤمنين (ع) عن الخلافة بعد موت النبي ÷

صفحة 191 - الجزء 1

  وهذا من الأدلة على ما يذهب إليه أئمتنا $ من أنه لا يتم لأحد اسم الإيمان حتى يذعن لولاية أمير المؤمنين علي # ويعتقد أنه المستحق للولاية والخلافة بعد النبي ÷.

  وهناك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة على ولاية أمير المؤمنين #.

سبب سكوت أمير المؤمنين (ع) عن الخلافة بعد موت النبي ÷

  قد يقال: لماذا سكت أمير المؤمنين # عن الخلافة بعد موت النبي ÷ وفي مدة خلافة الثلاثة؟

  الجواب والله الموفق:

  أن أمير المؤمنين # آثر السكوت في ذلك الحين لأن الظروف في ذلك الحين لا تسمح بغير ذلك، وذلك أن المسلمين كانوا حديثي عهد بالجاهلية، فلو أنه نصب نفسه للخلافة، وقام ودعا إليها، لحصل بسبب ذلك خلاف وقتال في داخل عاصمة الإسلام، وقد كان حصل بالفعل بعد موت النبي ÷ ارتداد الكثير من قبائل العرب.

  فلو أنه # قام بالخلافة ودعا إليها مع ردة الكثير من عرب الجزيرة كما ذلك معروف لربما ضاع دين الإسلام تماماً، وقد صرح بذلك هو # حين سألته زوجته فاطمة & عن سكوته عن الخلافة وعدم قيامه، فقال لها # والمؤذن يؤذن ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله ... أشهد أن محمداً رسول الله: أتحبين أن يذهب هذا فقالت: لا، قال: لو فعلت ذلك لذهب هذا؟ هذا معنى الرواية.

  لذلك آثر # السكوت وعدم القيام تأثيراً للمصلحة العامة للإسلام على حقه الخاص، وعلى ذلك فأمير المؤمنين # قد فعل الواجب في مثل تلك الحال الخطيرة، فصبر وفي العين قذى وفي الحلق شجا، وهذا بالإضافة إلى أن الظروف لا تسمح له # بالقيام.

  وقد صور # ذلك بقوله في الخطبة الشقشقية فقال: (أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابن أبي قحافة وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ، فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً، وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ