تيسير القراءة
  وأهل مكة تواتر لهم واشتهر فيهم قراءة أخرى من السبع، ولم يتواتر لهم غيرها، وكذلك أهل الشام تواتر لهم قراءة، ولم يتواتر لهم غيرها، وكذلك أهل الكوفة وأهل البصرة، فكل منهم تواتر لهم قراءة واحدة، ولم يتواتر لهم غيرها، فإذا لم يتواتر لأهل بلد من البلدان غير قراءتهم، فلا يدل ذلك على أن قراءة أهل بلد آخر غير متواترة؛ فمن هنا قلنا: إنه لا بعد في قول الجمهور، بل إن القول به هو الأولى، وذلك لما يلزم - لو لم نقل بتواتر القراءات السبع - من أن القرآن قد دخله التصحيف والتحريف و ... إلخ.
  والمعلوم أن الله تعالى قد تولى حفظه من ذلك كما قال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}[الحجر] {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}[فصلت].
  وبعد، فالأولى هي قراءة أهل المدينة، وهي قراءة نافع؛ وذلك لأنها قراءة أهل البيت $ التي تواترت لهم.
  وكذلك أهل كل بلد ينبغي لهم أن يقرؤوا بما تواتر لهم من القراءات، وكذلك كان الناس قديماً، فأهل الشام يقرؤون بقراءتهم، لا يتجاوزونها، وأهل الكوفة وأهل المدينة وأهل مكة، كل يقرأُ بما تواتر له لا يتجاوز ذلك إلى قراءة أخرى.
  أما اليوم فقد تغير الحال؛ فأصبحت قراءة حفص التي هي إحدى السبع القراءات أكثر شهرة في البلدان، حتى صار الجماهير لا يعرفون غيرها، وذلك بسبب كثرة طباعتها مما أدى إلى كثرة انتشارها واشتهارها.
تيسير القراءة
  وأنزل القرآن على سبعة أحرف من أجل التيسير والتخفيف، والمراد بذلك أنه أنزل على سبع لغات عربية.
  والحكمة في ذلك والله أعلم أنه لو أنزل على لغة واحدة لتعسر على أهل اللغة الأخرى قراءته، فبعض العرب يميل الألف إلى الياء ولا يكاد يستطيع ترك ذلك