لا قديم غير الله
  يدلنا هذا الترابط بين المخلوقات في الغاية والغرض العائد إلى مصلحة الإنسان أن خالقها وخالق الإنسان واحد، فلو أن خالق الشمس غير خالق الإنسان لأخذ خالق الشمس شمسه، ولمنع خالقَ الإنسان من الانتفاع بشمسه، وهكذا في كل ما ذكرنا، ولحصل بين الخالقين التنازع والاختلاف، ولذهب كل إله بما خلق، فلما لم يحصل شيء من ذلك - مع ما ذكرنا من الترابط بين المخلوقات - علمنا أن خالق الجميع خالق واحد لا شريك له في ملكه، وعالم واحد، وحكيم واحد، قد أحكم جميع ما خلق، وأعده لغرض واحد، وحكمة واحدة.
لا قديم غير الله
  ولا قديم غير الله تعالى، خلافاً لمن قال: إن كلام الله تعالى قديم، وهم الأشعرية والحشوية، وخلافاً لمن أثبت معاني قديمة، وهم الأشعرية والكرّامية حيث قالوا: إن صفات الله تعالى معان قديمة قائمة بذاته.
  قلنا: يلزم تعدد القدماء، وأن يكون لهم ما لله تعالى من الإلهية.
  ويلزم أيضاً أن يكون الله سبحانه وتعالى مؤلفاً ومركباً، والتأليف والتركيب من خصائص الأجسام، والله تعالى ليس بجسم، وسيأتي الكلام في كلام الله تعالى.
ما كلف الله عباده من المعرفة به
  ولم يكلف الله سبحانه وتعالى عباده المكلفين من المعرفة به تعالى إلا ما تقدم ذكره، وذلك كونه ربّاً مالكاً للسموات والأرض وما فيهما، أولاً، آخراً، قادراً، عليماً، حياً، سميعاً، بصيراً، أوجد العالم من العدم، غنياً، لا تدركه الأبصار، ليس كمثله شيء، هذا ما ذكره صاحب الأساس وشارحه في هذا الموضع، وينبغي زيادة على ذلك ذكر أن الله جل وعلا رحمن، رحيم، وإن كان ما تقدم قد تضمن ذلك من حيث أن مظاهر الرحمة لائحة على جميع المخلوقات، غير أنه ينبغي التنصيص على هذين الاسمين، ولما لهذين الاسمين من المكانة في الدين كرر الله ø ذكرهما في أول كل سورة.