قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الجواب على طوائف المجبرة

صفحة 81 - الجزء 1

  ونقول في الجواب عليهم:

  إن فرق المجبرة متفقون جميعاً في نسبة الفعل إلى الله تعالى دون العبد، فالأشعرية والمتأخرون منهم هربوا إلى غير مهرب، فلم يخرجوا في هروبهم من مذهب الجبر، فإنهم جميعاً يقولون: إن الله تعالى هو الذي يخلق أفعال العبد، وإنما اختلفت الفلسفة التي تتحدث عن ذلك المذهب.

  وكسب الأشعرية غير معقول، وذلك أنهم يقولون إن الله تعالى هو الذي يخلق أفعال العباد، وللعبد منها كسب، وحينئذ فهل الكسب الذي أضافوه إلى العبد فعل من الأفعال أم غير فعل؟ ولم يردوا جواباً عن هذا السؤال إلى اليوم، فتحيروا وبهتوا عند هذا السؤال، فلم تسمح لهم قواعد المذهب أن يقولوا: إن الكسب فعل من الأفعال، لأن الأفعال عندهم كلها من خلق الله، ولا يجوز أن يضاف شيء منها إلى العبد، وإن قالوا: إن الكسب غير فعل عجزوا عن بيان أي شيء هو.

  وحينئذ يتبين لنا أن طوائف المجبرة متفقون على أن الأفعال كلها من خلق الله لا من فعل العبد.

الجواب على طوائف المجبرة

  ومن هنا فإنا نرد عليهم جميعاً بجواب شامل لهم، فنقول:

  ١ - مذهب الجبر متصادم مع ما يجده كل عاقل من نفسه، ويلمسه بضرورة عقله، في تصرفاته، وأفعاله التي يحدثها على حسب مشيئته وإرادته، من غير أي شعور بأي دافع سوى إرادته ومشيئته، وأقوى الأدلة على الإطلاق ما يحصل عن طريق الوجدان، وذلك أن العقل يدرك ذلك بالمباشرة من غير واسطة فكر أو نظر.

  ويعبر المتكلمون عن مثل ذلك بالمعرفة الضرورية، وهي التي تحصل بغير واسطة فكر أو نظر، كعلم الإنسان بأنه جائع، أو عاطش، أو صحيح، أو سقيم، أو خائف أو آمن، أو أعمى، أو بصير، أو مضطر، أو مختار و ... إلخ.