قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حكم كافر التأويل

صفحة 253 - الجزء 1

حكم كافر التأويل

  اختلف المكفرون للمجبرة والمشبهة في حكمهم في الدنيا ومعاملتهم، فقال بعض أئمتنا $، وهو ظاهر إطلاق قدمائهم $: إن حكم المجبرة والمشبهة ومن يشبههم كالمرجئة والمطرفية حكم المشركين في جميع الأحكام، فيجوز سبيهم، وتحرم مناكحتهم، و ... إلخ.

  وقال غيرهم: بل لهم حكم المرتدين.

  قلنا: ليس إظهارهم الشهادتين إسلاماً، لأنهم إنما يشهدون بإلهية الفاعل للقبائح، والمشابه للأجسام، والعاشق للحسان، ولا يشهدون بإلهية الله المتعالي عن ذلك علوّاً كبيراً.

  وقال بعض المعتزلة: بل لهم حكم الذميين؛ لأنهم نطقوا بالشهادتين، وكذبوا على الله، وكذبوا بالصدق، ولقوله ÷ في المجوس: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» وهم مثل المجوس، وقوله ÷: «القدرية مجوس هذه الأمة».

  قلنا: الذمة إنما عقدت لأهل الكتب المنزلة على الأنبياء السابقين، وهؤلاء ليس لهم إلا قبول الإسلام أو السيف.

  وقال أبو القاسم البلخي: بل لهم في الدنيا حكم الفاسق من التناكح والتوارث و ... إلخ، وفي الآخرة حكم الكفار في العقاب.

  قلنا: قد قام الدليل الدال على كفرهم، فلزمتهم أحكام الكفر، ولا دليل على ما ذكر أبو القاسم.

  قال كثير من المعتزلة: إن من شك في كفر المجبرة والمشبهة كافر.

  وقالت معتزلة البصرة: إن صوبهم كفر، وإن خطّأهم لم يكفر، ولم يخطئ؛ إذ لا يجب على المكلف إلا اعتقاد الحق وتخطئة مخالفه، وأما هل هو كافر أولا فلا يجب، إذ دليل كون الذنب كفراً سمعي، وليس كلُّ أحدٍ مكلفاً بمعرفته، وإنما يكلف بها العلماء والأئمة ومن جرى مجراهم؛ لما عليهم من التكاليف المتعلقة بهم.