قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تنوع القدر والتقدير

صفحة 296 - الجزء 1

تنوع القدر والتقدير

  ينقسم ذلك إلى قسمين:

  تقدير ظاهر: وذلك فيما نشاهده من خلق الإنسان والحيوان والشمس، وذلك في تقدير حجمها، وقربها وبعدها من الأرض، وحرارتها، ومنازلها، وشروقها، وغروبها، و ... إلخ وفيما أشبه ذلك.

  تقدير خفي: وذلك فيما يصيب الإنسان في بدنه وماله وأهله وولده من الأمراض والعاهات والنقص والفوت.

  فتقدير الأرزاق على الناس قد كان لما ذكره الله تعالى من الحكمة والمصلحة في قوله عز ذكره: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ٢٧}⁣[الشورى].

  وفيما قص الله تبارك وتعالى من قصة الغلام الذي قتله الخضر في قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ٧٤}⁣[الكهف].

  وفي قول الخضر بعد ذلك لموسى @ كما حكاه الله تعالى: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً ٨٠ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ٨١}⁣[الكهف].

  وفي ذلك من الحكم:

  ١ - سيتعرض أبوَا الغلام للثواب العظيم الذي وعده الله الصابرين على فقدانهما لابنهما وفلذة أكبادهما، وسيتضاعف الحزن عليهما بقتله وبسبب عدم العلم بقاتله، وسينالون بالصبر على هذا البلاء العظيم ما لا يُقَدّر قَدره، وتماماً كما قال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ١٠}⁣[الزمر: ١٠].

  وقال سبحانه: {.. وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ١٥٥ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ١٥٦ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ١٥٧}⁣[البقرة].