قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

خلق الجنة والنار

صفحة 292 - الجزء 1

  وقد قال سبحانه: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}⁣[الزمر: ١٧ - ١٨].

  قالوا: قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ...}⁣[مريم: ٧١]، وليس ورودها إلا المرور على الجسر المذكور.

  قلنا: الورود الحضور والقرب، كقوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ}⁣[القصص: ٢٣] أي: حضر ماء مدين، ويكون حضور المؤمنين والقرب منها بغير خوف ولا حزن، لقوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}⁣[الأنبياء: ١٠٣]، {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}⁣[النمل: ٨٩].

إنطاق الجوارح

  وأيضاً من أحوال القيامة: إنطاق الجوارح: قال تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ...}⁣[فصلت: ٢٠].

  قد يكون ذلك حقيقة، ولا مانع منه؛ لأن الله على كل شيء قدير، وقد يكون ذلك بعرض الصورة التي كانت في الدنيا، كما تعرض الصور اليوم على شاشة التلفزيون.

خلق الجنة والنار

  قال الهادي # وأبو هاشم وأكثر المعتزلة: والجنة والنار لم يخلقهما الله تعالى، وإنما يخلقهما الله تعالى يوم القيامة، واستدلوا بقوله تعالى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا}⁣[الرعد: ٣٥] ولا بد من فناء كل شيء، فلو كانتا قد خلقتا لوجب أن تفنيا، وحينئذ يكون خلقهما وإفناؤهما عبثاً.

  وذكر مثل ذلك الإمام أحمد بن سليمان #: فإنه قال: لأنه لا يعد الشيء ويدخره إلى وقت طويل إلا من يعجز عن إبداعه وقت الحاجة إليه، والله تعالى لا يعجزه شيء.

  قال: وإذا كانت قد خلقت لم تكن إلا في السماء أو في الأرض، وإذا كانت قد خلقت في السماء فكيف تبدل السماء وتبقى الجنة التي فيها وما فيها من الحور والولدان. انتهى.