تفصيل وتوضيح
تفصيل وتوضيح
  ١ - إذا أجبر المكلف على فعل المعصية، وأكره عليها وجبت عليه الهجرة بلا خلاف؛ وذلك لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦] فإذا استطاع المكلف أن لا يعصي الله تعالى بأي حيلة من الحيل وجب عليه ذلك.
  ٢ - إذا دعا الإمام أحداً إلى نصرته وجبت حينئذ الهجرة إليه، ولا يجوز ترك ذلك إلا إذا أذن الإمام، أو فقدت الاستطاعة.
  ٣ - إذا كان المقام في دار الفسق مما يقوي جانب الفاسقين، أو يضعف من جانب الحق والمحقين وجبت الهجرة؛ وذلك لأن الواجب على المكلف أن ينصر الحق والمحقين، ويخذل الباطل والمبطلين.
  وفي الحديث: «المعين للظالمين كالمعين لفرعون على موسى صلى الله عليه» رواه الهادي #.
  وفي الحديث أيضاً: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الظلمة وأعوان الظلمة وأشباه الظلمة حتى من برى لهم قلماً أو لاق لهم دواة؟ فيجمعون في تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم»(١).
  وعن النبي ÷: «يا ابن مسعود لا يجيء هلاك أمتي إلا من الفقهاء وعلماء السوء، ومنهم هلاك الدين».
  ولما خالط الزهري السلاطين كتب إليه أخ له في الدين: عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو الله لك ويرحمك، أصبحت شيخاً كبيراً، وقد أثقلتك نعم الله بما فهمك من كتابه، وعلمك من سنة نبيه، وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء، قال الله تعالى: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران: ١٨٧] واعلم أن أيسر ما ارتكبت، وأخف ما احتملت أنك آنست وحشة الظالم، وسهلت سبيل الغي بدنوك ممن لم يؤدِّ حقاً، ولم يترك
(١) الفردوس للديلمي (١/ ٢٥٥) رقم (٩٨٨).